قصة العجوز الحكيم والملك - قصص وعبر
يحكي أن في قديم الزمان كان هناك ملك عظيم يعيش في إحدي المدن الكبيرة، كان هذا الملك متكبر شديد الغرور والتعالي، وذات يوم قام الملك بجمع حاشيته وقال لهم بفخر وتعالي : إنني أنا ملك الملوك وسيد هذا العالم أجمع، وجميع المخلوقات من بشر وحيوانات خدم لي وحدي تحت طاعتي، صفق الحاضرون وهللوا لكلام الملك، وفجأة صدر صوت قوي جهوري من بين الحاضرين يقول : كلا أيها الملك المبجل، إنك مخطئ في كلامك، فكل البشر خدم لبعضهم البعض .. سادم المكان صمت رهيب مرعب حيث تجمدت الدماء في عروق جميع الحاضرين خوفاً من بطش الملك بعد سماعه لهذا الكلام، صرخ الملك غاضباً متوعداً : من هذا المتمرد الخائن الذي يدعي أنني خادم ؟
خرج من بين الحاضرين شيخ ناحل الجسد ذو لحية بيضاء طويلة يتوكأ علي عصا وقال للملك : أنا يا سيدي، رجل من عامة الشعب وليس في قريتنا ماء، ونكاد نموت من العيش وجئت إليك حتي أطلب منك أن تحفر لنا بئراً في القرية حتي نشرب منه ونسقي ارضنا وحيواناتنا، ازداد غضب الملك وقال : أنت مجرد عجوز متسول أتيت إلي حتي تطلب مني حفر بئر لك ولقريتك وتملك الجرأة والوقاحة لتقول لي بأني خادم ؟ أجاب العجوز بكل ثقة : نعم يا سيدي، إننا جميعاً نخدم بعضنا البعض، وحتي أنت يا جلالة الملك المبجل تخدم غيرك أيضاً .
رد الملك بعصبية شديدة : هيا أجبرني أن اخدمك إن جرأت علي هذا، وإن فعلت فسوف أحفر في قريتك ثلاثة آبار بدل من البئر، ولكن إن فشلت فسوف أضرب عنقك بحد السيف وأجعلك عبرة لجميع الحاضرين، سكت العجوز قليلاً مفكراً ثم قال : من عاداتنا في قريتنا أننا حين نقبل التحدي يجب ان نلمس اقدام من نتحداه، ولذلك أمسك عصاي ايها الملك المعظم حتي المس قدميك، امسك الملك بعصا العجوز الذي انحني ومس قدمي الملك ثم وقف قائلاً للملك : شكراً لك يا مولاي والآن أعطني عصاي، اعاد الملك العصا للعجوز فقال العجوز بحب : هل رأيت يا مولاي ؟ كيف امسك عصاي واعدتها لي، وكيف اننا نخدم بعضنا البعض ؟!